إدراك أسباب تراجع الامة September 19, 2018 – Posted in: Uncategorized
خالد الأنشاصي |
في كتاب يسعى لتوضيح الالتباسات التي أدت إلى تراجع الأمة علينا أن نضع أيدينا على منهجية يحاول من خلالها كل عصر أن يخلق عهد النبي من جديد * الكتاب: إدراك أسباب تراجع الأمة (المجلد الأول) يحاول الكاتب والمفكر الهندي راشد شاز في هذا الكتاب إعادة بناء الفكر الإسلامي، عبر إحياء مسار خالد من الفكر الإسلامي المتجدد يعيد للأمة الإسلامية الريادة العالمية التي فقدتها وانخرطت في عصور من التراجع، لا سبيل إلى الخروج منها إلاّ بالعودة إلى صحيح الدين – بحسب رؤيته – ومن ثم كان هذا الكتاب الثري الذي ناقش بعمق العديد من المسائل الإسلامية الخلافية، متوصلاً إلى آراء قد يتفق معها البعض وقد يختلف معها البعض، ولكنها تبقى في النهاية محاولة جادة للوقوف على أسباب تراجع الأمة الإسلامية، انطلاقاً من غاية حميدة، تؤسس لها الغيرة على الدين الإسلامي الحنيف، وإرادة أن يعود الإسلام إلى عهده الأول نقياً خالصاً مما شابه من بعض الخرافات والإسرائيليات وتقديس غير المقدس. تقصي الأسباب ليس كافياً المصادر اليهودية في فهم القرآن ويرى المؤلف أن الاستعانة بالمصادر اليهودية في فهم القرآن الكريم، وتدخل طرق الفهم اليهودية فيه قد أضفى مزيداً من التعقيد، بل وبدأ المسلمون كذلك في عرض اتجاه يصور القرآن الكريم كما هو موجود في الروايات اليهودية، ويضرب المؤلف مثالاً لذلك بترسخ الاعتقاد بين المسلمين، كما هو الحال بين اليهود، أن النسخة الحقيقية للقرآن – مثله مثل التوراة – محفوظة في السماوات، فنرى – والقول للمؤلف – أنه من خلال الوصف الذي تقدمه سورة البروج عن أن القرآن الكريم محفوظ في “اللوح المحفوظ” في قوله تعالى: “بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ”، استنبط العلماء أن اللوح المحفوظ يوجد في مكان ما في السماوات، رغم أنه لا يوجد مجال لمثل هذا الحدس في الآية، ولم يرد ذكر أي شيء عنه في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم. ويستطرد المؤلف بالقول “فليس هناك معنى آخر للوح المحفوظ يستثني حقيقة أن القرآن الكريم كان يتنزل في فترة اشتهرت فيها الكتابة بأنها فن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكتب القرآن بنفسه، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يؤمرون بقراءة القرآن بأعينهم والعمل على تعليمه ومدارسته من خلال الرقاع المكتوبة، وهذا أفضل من مجرد الخطاب الشفهي. وقد تناقلت النسخ المكتوبة من الوحي الإلهي بين الناس، أضف إلى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوخى الحذر إزاء ذلك، فإلى جانب حفظه لآيات القرآن عن ظهر قلب، وجعل صحابته أيضاً يحفظونه في صدورهم، أعد ترتيباً خاصاً لكتابة وتدوين آيات القرآن، ووضع علامات مميزة ينبغي استخدامها. والحقيقة التي يقرها التاريخ، أنه قبل أن يلحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، قام بجمع القرآن في شكل رقاع مجزأة، وكانت هذه أول مرة يشهد فيها تاريخ الإنسانية مثل هذه العملية الشاملة والمحكمة، تلك العملية التي تضمنت التعليم، والتعلم، والحفظ، والتلاوة، والتحرير، والإملاء وغيرها، والتي كانت تهدف إلى حماية الوحي الإلهي والحفاظ عليه”. إشكالية قطعية علم السلف ويشير المؤلف إلى مسألة شديدة الأهمية حينما يرى أن إحدى نتائج إخضاع الوحي الإلهي للفهم البشري وللمناقشات الفقهية هي أن الوحي الإلهي الذي حدد في الماضي العلاقة بين الإنسان وربه وأضاء الطريق إلى المستقبل قد تحول إلى تراث ثقافي جامد لا روح فيه. وترتب على الاعتقاد بأن علم السلف قاطع ونهائي، ولا سيما الأئمة الأربعة – كما يقول المؤلف – “أن المجتمع الإسلامي بدلاً من أن يحكمه مفكرون أحياء يحكمه الآن علماء أموات، والذين رغم ما كانوا عليه من معرفة واسعة وعمق في التفكير، إلاّ أنهم لم يكونوا قادرين على بحث الحاضر واستقراء المستقبل. وهكذا تجمدت عظمة الوحي الإلهي وأصبح فريسة لشعائر جامدة بلا روح، وعندما حجب نور الوحي الإلهي وراء غيمات الخرافات والتقليد الأعمى، كان من الطبيعي أن تشعر الأمة بأنها ضلت الطريق”. البحث عن الوحي غير المتلو وفي الباب الرابع يناقش المؤلف ما رآه نتيجة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “أوتيت القرآن ومثله معه”، تلك النتيجة المتمثلة في البحث عن الوحي غير المتلو في مصادر ونصوص يرى المؤلف أنها غالباً ما كانت متضاربة ومتناقضة، ومن ثم يؤكد أنه بمجرد قبول التاريخ كمصدر مسلم به في البحث عن السنة، فإن ذلك مهد الطريق لتوطيد الفكر الإسلامي المشوه، والذي كان للأحاديث الموضوعة دور حيوي في وجوده. الدين مقابل الفقه ويناقش المؤلف في الباب الخامس ما أسماه “الدين مقابل الفقه.. الوحي الإلهي رهين التأملات الفقهية” قائلاً “إن الدين إذا ما تحول إلى مجموعة من الأحكام الفقهية، فسوف تنفي هذه الأحكام الدين ذاته”. وفي إطار حرص المؤلف على الدين الصحيح وتخليصه مما قد يشوبه من معتقدات وعادات خاطئة، يرى المؤلف أن التحزب الذي قادته المدارس الفقهية المختلفة أفسد مناخ المجتمع المسلم، فذهب أصحاب أحد هذه المذاهب إلى اعتبار أن تكفير أتباع المذاهب الأخرى هو أحد الواجبات الدينية، وكانت مثل هذه الاتهامات يوجهها أتباع هذه المذاهب إلى بعضهم البعض من فوق المنابر، حتى بلغ الأمر مبلغه لدرجة أن هذه المواجهات كانت تتحول أحياناً إلى مواجهات دامية تودي بحياة العديد من الناس، وفي ذلك ما اعتبره المؤلف نتيجة لوضع الفقه في مقابل الوحي، لدرجة خلقت حالة من التقديس الأعمى – كما يقول المؤلف – للأئمة الأربعة، كادت توصل البعض إلى حالة من الاعتقاد أسماها المؤلف “شرك النبوة”. المفهوم التصوفي للدين ويختتم المؤلف كتابه بالباب السادس “الإسلام والتصوف.. إحاطة الوحي بسياج من الفقه الباطني”، وفيه يرى المؤلف أن المفهوم التصوفي للدين مفهوم غريب عن الإسلام تسلل إليه عن طريق المغالاة في العبادة، وأن ظهور التصوف في الإسلام يعد عملاً متجرئاً، وأنه ما كان ليتم دون أن يكتنفه قدر من سوء النية تجاه الدين، ولا كان لهذا البناء المحكم للتصوف أن ترتفع أعمدته دون تلك العقول المتآمرة التي اجتمعت على الكيد للإسلام- على حد تعبير المؤلف. |